كتب – أحمد عيد
عرف العالم كله من خلال مسلسل رأفت الهجان، كيف استطاع هذا البطل المصري أن يخدع إسرائيل لسنوات طويلة ويخفي عنها حقيقته، رغم كل ما مر به من اختبارات ومواقف صعبة ، ولكن المفاجأة الأكبر والتي لا يعرفها الكثيرون، أنه أخفى أيضا حقيقته عن زوجته الألمانية ستراود التي جمعته بها قصة حب كبيرة وعاش معها 19 سنة، ورغم ذلك لم تعرف حقيقته إلا بعد وفاته بأيام قليلة .. كما ترك لها مع محامية وصية أوصاها فيه بأن لا تفتحها إلا بعد 3 سنوات على وفاته، السطور التالية تكشف هذه الوصية و قصة الحب الكبيرة التي جمعت بينهما ، كما تسلط الضوء على ابنائه وأحفاده وأشياء أخرى كثيرة ومثيرة لم يكشف عنها مسلسل رأفت الهجان .
بالصوت والصورة .. أسرار لم تعرفوها عن الجاسوس المصري
في أوتيل فرانكفورت هوف بألمانيا، كان أول لقاء جمع بين "هيلين" كما جاء اسمها في مسلسل "رأفت الهجان" واسمها الحقيقي "ستراود"، وبين رأفت الهجان أو كما عرفه الجميع باسمه الحقيقي فيما بعد وهو رفعت الجمال، لكنه في ذلك الوقت كان يحمل اسم "جاك بيتون". وعندما سئلت عن هذا اللقاء قالت : كان ذلك من خلال سهرة عشاء دعتنى لها صديقة مشتركة بيننا، وقتها قدم لي نفسه بأن اسمه "جاك بيتون"، و أن والده كان فرنسيًا وأمه كذلك، وأنه يعيش في تل أبيب بإسرائيل، ولديه مكتب سفريات.
هذا كل ما عرفته عنه في اللقاء الأول بيننا ولم أسأل عن المزيد، فهذا لم يكن مهما بالنسبة لي، خصوصا أني كنت منبهرة بشخصيته، فقد كان شابا جميلا وجذابا وهذا كان يكفيني، علاوة على أنني في ذلك الوقت كنت صغيرة بلا تجارب كبيرة، فعمري وقتها كان 22 عاما، وشعرت في هذا اللقاء بأننى وقعت في حبه، وآمنت بما يسمى بالحب من أول نظرة .
شاهدوا على قناة نجوم الغلاف
هل يتفق الجمهور مع اختيارات النقاد؟ 🤔🤔 أفضل 10 أفلام رومانسية في السينما المصرية والعربية ✨ ✨ ✨
رفعت الجمال أخفى حقيقته عن زوجته الألمانية لمدة 19 سنة
تواصل "ستراود" قائلة : بعد العشاء قام بتوصيلي إلى بيتي، وعند مدخل البيت وجدته يقول " أريد أن اتزوجك ، سأسافر 10 أيام إلى فيينا وسأتي إليك بعدها لأعرف رأيك"، فتحدثت مع والدتي في هذا الشأن، فقالت لي طالما هو رجل لطيف فلا بأس. وبالفعل عندما عاد تم الزواج وسافرنا لقضاء شهر العسل في باريس، وخلال شهر العسل وقعت جدا في غرامه، فقد اكتشفت أنه بجانب شخصيته القوية، كان لديه شيء نادرًا ما تجده عند الناس. لقد فعل كل شيء من أجلي، أخذني إلى أفضل المطاعم وأفضل الفنادق، و في كل مرة كنا نلتقي فيها كان لابد أن يشترى لي شيئًا جديدًا، مجوهرات، ملابس، كل شيء مهما كان ثمنه، لدرجة أنني عندما أدركت ذلك، لم أجرؤ على النظر في واجهة أي محل وقول " هذا يعجبني"، لأنني كنت أعلم أنه سيدخل ويشتريه. وكان ذلك بالطبع وضعًا مختلفًا لم أكن أعرفه، علاوة على أنه لم يدخل معي أبدا في أي جدال أو نقاش .
تتابع " ستراود " : بعد انقضاء شهر العسل أخذني معه للحياة في تل أبيب، وهناك لاحظت أنه لديه علاقات صداقة تربطه مع شخصيات كبيرة في إسرائيل في ذلك الوقت، منها وزير الدفاع موشيه ديان، ورئيسة الوزراء جولدا مائير، و الرئيس الإسرائيلي عزرا وايزمان.
عشنا في تل أبيب حوالى سنة ونصف، لم يتركني فيها وحدى سوى خمسة أيام فقط، قال لي بأنه سيسافر إلى إيطاليا، وكنت أصدقه في كل شيء وأثق به بلا حدود، لكن فيما بعد عرفت منه أنه جاء إلى مصر في هذه الأيام الخمسة، وخلال هذه الفترة شعرت بأعراض الحمل، وعندما تأكد من أني حامل كان في قمة سعادته، وما أن اقترب موعد الإنجاب حتى فوجئت به يخبرني بأنه يرغب في أن يولد طفلنا في ألمانيا وليس في إسرائيل، وقتها لم أعرف لماذا ولم أسأل، فقد كان يهمنى أن أكون وقت ولادتي بجانب أسرتي، وهو ما حدث بالفعل وعدت معه إلى ألمانيا وانجبت ابني، ومن بعدها قرر أن يصفي شركة السياحة التي يمتلكها في إسرائيل وأن يفتح شركة أخرى في مجال البترول في ألمانيا ومصر، ومن بعدها تفرغ لنا ولعمله الجديد الذي أتاح له زيارة مصر كثيرا كرجل إعمال ألماني وقد راففته في عدة زيارات منها .
في مذاكراته كتب رفعت االجمال أو رأفت االهجان أنه أنهى عمله مع المخابرات المصرية منتصف السبعينات بشكل تدريجي بعد نهاية حرب 1973 وعندما اسس شركة النفط في مصر
في أخر شهر يناير من عام 1982 توفى رفعت الجمال بأحد مستشفيات ألمانيا بعد ما اصيب بسرطان الرئه، وعما قاله لها في مرضه الأخير قالت ستراود: " لقد قال لي يجب أن تعديني بأن تعيشي حياتك ولا ترتدي دائمًا الملابس السوداء. لا أريد ذلك. ولا تقولي إن الأمور انتهت. ستستمر الحياة. فكري في ابننا وابنتنا".
عاش رفعت الجمال حياة مزدوجة لم يفصح عنها حتى وفاته مصابا بالسرطان
عندما سُئلت "ستراود" عن الأشياء التي لا يمكن أن تنساها قالت: كنت ذات يوم بصحبة زوجي أثناء زيارتنا للقاهرة، وفي أحد المحلات شاهد لوحة فنية مكتوب فيها سورة من القرآن، كانت كبيرة جدًا وجميلة وكان خطها أيضًا جميلًا، فكانت بالنسبة لي شيئًا مثيرًا للاهتمام، فنظر إليها رأفت وسألني هل نشتريها ، فقالت له "إذا أعجبتك، اشتريها". واشتراها وعلقها في غرفة مكتبه بالمنزل، ورغم رحيله لازالنا نحتفظ بها، فلم يكن يزعجنا أبدا جنسية أي شخص أو ديانته، ما يهمنا هو الشخص نفسه.
وفي هذا اللقاء أيضا كشف " ستراود" بأن زوجها طوال حياتها معه، كان يتحدث معها في أمور كثيرة، لكنه أبدا لم يكن يتطرق في حديثه إلى السياسة أو حتى أعماله التجارية ومكتب السفريات ، كما أنه في سفرياته لم يكن أبدا يعطيها تليفونات الأماكن التي يتواجد بها، فقط هو الذي كان يتصل بها ليطمئن على الأسرة.
شاهدوا على قناة نجوم الغلاف
عن زيارتها لمصر قالت "ستراود" : كنت دائمًا معجبة بمصر، واعتبرها البلد المفضل الذي أردت معرفته، وأريد الذهاب إليه. وبعد أن زرتها واقتربت من ناسها أصبحت بالنسبة لي هي بلدي، لولا وجود حفيدي في ألمانيا، كنت سأبقى في مصر. أحببت العيش هناك. الناس لطيفون، متعاونون، ودودون وكل شيء.
عن انطباعها عندما زارت مصر لأول مرة بصحبته قالت ستراود: اكتشفت أنه يعرف مصر جيدًا. فسألته: "لماذا تعرف مصر هكذا جيدًا؟ "قال: "لقد كنت هنا كثيرًا.. بالفعل اكتشفت حبه الشديد لمصر أثناء تواجدي معه فيها ، بل إنه أراد شراء منزل في القاهرة لنا، لكي نكون في القاهرة في الشتاء، وفي الصيف في ألمانيا. لكن ذلك لم يحدث لأنه مرض ثم مات.
من أهم الذكريات التي عاشتها في مصر لقاؤها بالرئيس السادات وعن ذلك تقول ستراود : قال لي أننا سنذهب إلى الاسكندرية للقاء الرئيس السادات ، فقلت له : أعتقد أنك تمزح، فقال لا بل سنذهب إليه وسنقابله بالفعل ، فقلت مندهشة وهل تعرف الرئيس السادات شخصيا؟ ، فقال لي نعم ، فتعجبت لذلك آنذاك، رغم أنني أعرف أنه على علاقة بشخصيات كبيرة لكن لم يصل حد توقعاتي إلى أنه على علاقة بالرئيس السادات، لم أعط للأمر أهمية كبيرة في كيف عرفته بقدر ما كان يشغلني وقتها ماذا سأرتدي لدرجة أني قلت له وقتها "يا إلهي، يجب أن أرتدي شيئًا لائقًا. وفي الموعد المحدد كنا بالفعل عند الرئيس السادات، وشعرت وقتها أنهما يتحدثان بود شديد وكأنها أصدقاء، كان الحديث بينهما باللغة العربية ولم أفهم شيئا مما يقولونه، لكن الرئيس السادات بعد ذلك تحدث معي بالإنجليزية وكان كل شيء رائعًا.
لكن ألم يراودك سؤال ، كيف يعرف جميع الأشخاص المهمين في إسرائيل؟ وفي نفس الوقت كيف يعرف جميع الأشخاص المهمين في مصر؟
أجابت ستراود : نعم، لقد سألت نفسي هذا السؤال، فسألته "قل لي، كيف تعرف كل هؤلاء الناس؟ فأجاب بأن سنوات طويلة من العمل، جعلته يتعرف على كل هؤلاء الناس.
كانت أكبر صدمة تعرضت لها بعد وفاته عندما أخبرها محمد الجمال ابن شقيقه باسمه الحقيقي، ومن هم أفراد عائلته، وما عمله الحقيقي. وعن ذلك قالت : في البداية اعتقدت أنه مجنون وأخبرني بشيء غير صحيح.
عما فعلته بعد اكتشاف الحقيقة قالت ستراود : جئت إلى مصر لكي أبحث عن الحقيقة ، فهذا حقي، حتى يتمكن أطفالي وحفيدي من معرفة الحقيقة وقولها، وبدأت فعلا في البحث والتحري لكني كنت وحدي ولم أكن أتحدث العربية، فكان الأمر صعبا جدا خصوصا أنني أجد تعاونا من أهل زوجي سوى من زوجة ابن شقيقه، فقد كانوا يخشون من الاقتراب مني، فما كان مني إلا أن عدت مرة أخرى إلى ألمانيا وأنا أشعر بخيبة الأمل والحزن يسيطر علي، وسؤال وحيد يقلتني وهو لماذا لم يخبرني بالحقيقة طوال 19 سنة قضيناها معا وعندما لما أصل إلى شيء لم أجد جوابا يريح أعصابي سوى أنه فعل ذلك من أجل حمايتنا وأن لا يدعنا نعيش في قلق وخوف لكونه كان جاسوسا وله أعداء يمكن أن ينتقموا منه في اسرته .
وصية رأفت الهجان ولماذا حرم زوجته من معرفتها إلا بعد 3 سنوات على رحيله
أما عن وصية رأفت الهجان لزوجته فقد قال لها فيها : "حبيبتي ستراود عندما تقرئين هذه الكلمات سيكون قد مضى وقت طويل منذ أن تركتكم. ربما تكونين الآن قادرة على قبول الحقيقة. أعرف قسوة الألم الذي تشعرين به. لن تعرفي ما كنت أعانيه من عذاب بسبب كذبة اضطررت أن أعيشها. أرجوك لا تستبقي الحكم علي فأنت تعلمين أنني لم أحب أحدا أبدا أكثر منك.
وعما إذا كانت سامحته بعد هذه الكذبة الكبيرة التي جعلها تعيش فيه كل هذه السنوات قالت : لقد سامحته من فترة طويلة لأنه كان زوجًا ، و أبًا صالحًا. لا أستطيع أن ألومه على ذلك. لابد أن لديه أيضًا أسبابه، والتي ربما لا أعرفها بالضبط. ويجب أن أتعايش مع ذلك. يجب أن أعيش مع ما لا أعرفه بعد .
إرسال تعليق