كتب – أحمد عيد
لم يكن أحد يعرف من هو رفعت الجمال حتى قدم التليفزيون المصري في سنة 1988 مسلسل "رأفت الهجان"، فعرفنا من خلاله قصة هذا المواطن الذي جندته المخابرات المصرية و زرعته داخل إسرائيل لسنوات طويلة. واستطاع أن يتجسس لصالحها كل هذه السنوات ويمد مصر بمعلومات هامة جدا. إلا أنه وبعد عرض المسلسل بأجزائه الثلاثة و استطاع أن يحظى على مدار 56 حلقة بنسب مشاهدة عالية في مصر وكل الدول العربية، خرجت إسرائيل لتقول بأن رفعت الجمال هذا الذي تمجدونه كان عميلا مزدوجا .
من هنا كانت الصدمة الكبري والتي جعلت الجميع يتساءل منذ ذلك الوقت وحتى اليوم : هل كان رأفت الهجان عميلا مزدوجا لمصر وإسرائيل أم لا ؟ . في السطور التالية سنجيب على هذا السؤال الصعب الذي يحفل بالعديد من المفاجآت .
شاهدوا بالصوت والصورة شهادات رجال المخابرات وصفحات من مذكرات رفعت الجمال
الرواية الإسرائيلية تؤكد : أمدنا بمعلومات كانت السبب في هزيمة مصر في 1967
تعالوا نبدأ بالرواية الإسرائيلية التي لم يسمع بها أحد إلا بعد عرض مسلسل رأفت الهجان، حيث كذبت وسائل الإعلام و الصحف الإسرائيلية ما جاء في المسلسل بأن الهجان كان بطلا قوميا لمصر وأكدت أنه كان عميلا مزدوجا. ليس هذا فحسب. بل قالت بأنه كان سببا رئيسيا في هزيمة مصر في عام 1967، وظللت تردد هذا الكلام منذ ذلك الوقت وحتى اليوم، ودعونا نتعرف أكثر على مالديها من أدلة على ذلك، حيث ذكرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية في عام 2004 أن رفعت كان عميلا مزدوجا، وقالت إن الاستخبارات الإسرائيلية جندته بعد فترة قصيرة من وصوله إلى تل أبيب بعدما كشفت عمله مع المخابرات المصرية.
لكن كيف حدث هذا ؟ تجيب الصحيفة على هذا السؤال قائلة : إن الاستخبارات الإسرائيلية اكتشفت أمر رأفت الهجان عن طريق شريكه "إيمرا فريد" الذي كان عنصرا متقاعدا من جهاز الأمن الإسرائيلي، إذ أثارت تنقلات رفعت المكثفة بين تل أبيب وأوروبا انتباه شريكه، فأبلغ المخابرات الإسرائيلية التي تابعته وشاهدته وهو يجتمع مع عميل مصري آخر في أوروبا. وبعدما كشفته اعتقلته في المطار، وخيرته لاحقا بين السجن وبين أن يوصل للمخابرات المصرية المعلومات التي تريدها وتسمح بها نظيرتها الإسرائيلية، وكانت البداية أن أعطت المخابرات الإسرائيلية رفعت صورا لبعض قواعد الجيش الإسرائيلي بهدف تعزيز ثقة المصريين به.
كان لرفعت - حسب الرواية الإسرائيلية- دور كبير في الهزيمة المصرية عام 1967 وتدمير الأسطول الجوي المصري من قبل الطيران الإسرائيلي بعد أن حمل المعلومات التي تريد إسرائيل إيصالها إلى مصر خلال حرب الأيام الستة. وأخبر رفعت المخابرات المصرية -حسب الرواية الإسرائيلية- أن المعركة ستبدأ بتحركات برية، وهذه المعلومات جعلت مصر تترك طائراتها مرئية على مدارج المطارات، لذلك لم يجد سلاح الجو الإسرائيلي صعوبة في تدميرها خلال 3 ساعات.
هذه هي مكافأة المخابرات الإسرائيلية للعميل المزدوج نظير خدماته لإسرائيل
أكدت الرواية الإسرائيلية إن مكافأة رفعت الجمال على ما قدمه لإسرائيل تمثلت في قيام المخابرات الإسرائيلية بترتيب شراكة له مع رجل أعمال إيطالي لكي يكمل عمله في التجارة بعد أن أدى خدماته لإسرائيل. كما أعلنت إسرائيل عام 2011 أن تجنيد رفعت لصالح المخابرات الإسرائيلية كان من أنجح عملياتها مع الجواسيس على الإطلاق من حيث الفاعلية والأثر، وأنها كانت تطلق على هذه العملية اسم "عملية الوتد"..
كانت هذه هي الرواية الإسرائيلية .. فماذا عن الرواية المصرية؟
الرواية المصرية اختارت مصر أن تقدمها من خلال مسلسل رأفت الهجان، الذي تمت كتابته وتصويره بالكامل تحت عين المخابرات المصرية وبإشرافها، وبالتالي هو يعبر عن وجهة نظرها. حتى الأحداث والشخصيات التي أضافها المؤلف صالح مرسي من خياله لخلق مزيد من الإثارة والتشويق في الأحداث لم يكن ليضيفها إلا بعد مراجعة المخابرات لها والتي لاشك قامت بحذف أشياء حقيقية رأت أن نشرها يتعارض من الأمن القومي .
الرواية المصرية.. كان مصريا وطنيا مخلصا وما جاء في مسلسل رأفت الهجان حقيقي
لكن دعونا ننسى هاتين الروايتين فالكثيرين يعرفونها، وتعالوا نذهب بعيدا عنهما بالبحث والتحري .. ونتعرف على شهادات من تعاملوا معه والذين أجابوا بشكل مباشر عن هذا السؤال وأن نتوقف أيضا أمام مذكرات رفعت الجمال نفسه التي تركها ونشرتها زوجته الألمانية فلتراود بعد أن أضافت تجربتها معه واعترافها بأنه حتى وفاته لم تكن تعرف حقيقته التي أخفاها عنها طوال سنوات الزواج ولم تعرفها إلا بعد وفاته من محمد الجمال ابن شقيقه ثم من المذكرات التي تركها لها مع محاميه الخاص ولم يسلمها لها إلا بعد ثلاث سنوات بناء على وصيته ، كما أكد لها ذلك أيضا بعض المسئولين في جهاز المخابرات المصرية.
عن حال زوجها بعد علمه بنكسة 1967 تقول زوجته الألمانية فلتراود في الجزء الخاص بها في مذكرات رفعت الجمال : هل يؤثر هذا على أعمالكْ ؟ فقال بحدة : أعمالْ أي أعمالْ ! أنا لا أتحدث عن هذه البلاهة . لا تسأليني . لا علاقة لكِ بهذا كله .
وهنا يفرض السؤال نفسه وهو : هل لو كان عميلا مزدوجا كان سيغضب ويصاب بحالة الحزن والهياج هذه لهزيمة مصر في هذه الحرب .؟؟
وإذا كان هذا حدث بسبب نكسة 1967 فتعالوا لنعرف كيف كان حاله في حرب 1973 ، وهذه المرة الكلام ليس على لسان زوجته ولكن على لسانه هو من خلال مذكراته التي كان يسابق الزمن للانتهاء منها بعد أن اشتد عليه مرض سرطان الرئة الذي أصيب به وكان يتألم بشده منه .
كشفتها شمس البارودي فأبكت كل من قرأها 😭😭 وصية حسن يوسف الأخيرة 💔💔
هل يتفق الجمهور مع اختيارات النقاد؟ 🤔🤔 أفضل 10 أفلام رومانسية في السينما المصرية والعربية ✨ ✨ ✨
يقول رفعت الجمال في مذكراته : وخلال زيارتي الأخيرة لإسرائيل عمدت إلى أن أقوم بآخر عملية تجسس لى وربما الأهم والأخطر شأنا لصالح مصر .كانت العلاقات السياسية بين إسرائيل ومصر قد تدهورت مرة أخرى مع استمرار الجدال بشأن شبه جزيرة سيناء . وللمرة الثانية أخذ القدر مساره في اتجاه العنف ، واكتشفت من خلال "سام شواب" أن ثمة تخطيطا لتوجيه ضربة عسكرية أخرى ضد مصر . وأدركت أن من واجبي أن أعمل. وتلقيت معلومات عن طريق كل من "شواب" و"ديان" و"وايزمان" عن الخطط العسكرية المختلفة . كان كل شيء بدا مبسوطا واضحا أمامي، وغمرتني الرغبة في الضحك .على مدى كل هذه السنوات كنت أعد العدة لكي أترك إسرائيل مرة وإلى الأبد ، وأن أترك عملى مع جهاز المخابرات، وعندما حان الوقت لذلك استطعت أن أنجز أروع أعمالي . وتوفرت لي معلومات تزيد عن الحاجة، نقلتها جميعا : الزمن والتاريخ والموقع، كل شيء كان هناك .
أبحثوا في مذكرات رفعت الجمال ستجدون الإجابة على هذا السؤال الصعب
يواصل رفعت الجمال كلامه فيقول : و صدقني المصريون هذه المرة على نحو ما تشير أحداث التاريخ. وغمرتني سعادة بالغة لذلك . ولأول مرة انتصرت مصر على إسرائيل في حرب ۱۹۷۳، وقررت أن هذه نهاية عظيمة لمهمتي .. وأبلغت رئيسي أن هذه نهاية عملي معهم . وعدت إلى ألمانيا حيث حصلت على الجنسية الألمانية . وحصل دانييل ابني بدوره على جواز سفر ألماني ، وأصبحت إقامتنا الآن شرعية في البلاد. وسرني أن تخلصت من جواز سفري الإسرائيلي، ففي النهاية كنت دائما مصريا في صميم فؤادي ، بل كان الزعم بأنني إسرائيلي أو يهودي يجرحني في داخلي ، ولكن كان الواجب يقتضيني أن أنجز مهمتي ، وقد أديتها على خير وجه ، وأستطيع أن أقول بشكل ما إنني كنت فخورا بنفسي قليلا، وطلبوا منى أن أحضر إلى ميلانو مرة أخرى ، حيث قال لي رئيسي : لقد أنجزت عملا بالغ الروعة ونحن فخورون بك . لقد استطعت أن تقدم أكثر مما كنا نتوقع .
وهنا يفرض السؤال نفسه : هل يمكن أن يصدر هذا الكلام من شخص عميل مزدوج ؟
هناك أيضا شهادات بعض رجال المخابرات المصرية والذين تعاملوا معه، ولنبدأ بشهادة اللواء سامح سيف اليزل والذي كان أخر رجل مخابرات تعامل مع ملف رأفت الهجان وهو من تولى التواصل مع زوجته وابنه في ألمانيا قبل أن يتم غلق هذا الملف ، حيث أكد في العديد من اللقاءات التليفزيونية بأن رفعت الجمال كان رجلا وطنيا ولم يكن أبدا عميلا مزدوجا وأن إسرائيل لم تعرف به إلا بعد عرض مسلسل رأفت الهجان فحاولت أن تشكك فيه كما فعلت مع أشرف مروان .
خبراء : إسرائيل لم تعرف بحكاية رفعت الجمال إلا من مسلسل رأفت الهجان
هناك أيضا رجل المخابرات اللواء محمد نسيم والذي ينفي تماما أن يكون رفعت الجمال أو رأفت الهجان عميلا مزدوجا وبرهن على ذلك بالعديد من الأدلة منها أن لو رفعت الجمال كان عميلا مزدوجا فلماذا لم تفصح إسرائيل بذلك بعد حرب 67 طالما أمدها بالمعلومات التي جعلتها تضرب كل مطارات مصر في ثلاث ساعات فقط وسعت لتكريمه وأيضا عندما هزمت في 73 وكان رأفت الهجان السبب في إمداد مصر بمعلومات خطيرة ساعدت على تحقيق هذا الانتصار لماذا لم تقم بإعدامه نظير ما فعل، كما تحدى إسرائيل ان تكشف عن اعترافات رفعت الجمال أو صوره لديها كعميل كما هو معتاد لدي كل أجهزة الاستخبارات في العالم .
كذلك أدلى رجال المخابرات اللواء محمد نبيل الرجل الذي تعامل بشكل مباشر مع رفعت الجمال مؤكدا بأنه التقى به مرتين وطلب منه معلومات عن ميزانية وزارة الطيران وبالفعل أحضرها له وكانت سببا أساسيا في التعرف على أشياء كثيرة تتعلق بالطيران الإسرائيلي وساهمت بشكل كبير في انتصار مصر على إسرائيل في حرب 73 ، لافتا إلى أنه لم يبخل بأي معلومات كانت تطلب منه ولو كان عميلا مزدوجا ما كانت هذه العملية قد تمت بنجاح كبير .
إرسال تعليق